عدد الرسائل : 231 الدوله : T *usa تاريخ التسجيل : 28/03/2008
موضوع: النذر لغير الله الأربعاء أبريل 02, 2008 2:39 pm
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما جاء في النذر لغير الله تعريفه : النذر : عرفه الراغب : انه إيجاب ما ليس بواجب لحدوث أمر وقال في النهاية : نذرت انذر نذرا إذا أوجبت على نفسك شيئا من عبادة أو صدقة أو غير ذلك .
أقسام النذور:
اتفق أهل العلم أن النذر يقسم إلى ثلاث أقسام هي كالآتي :
نذر التبرر أو الطاعة : وهو ما ينذره المسلم لله تعالى كأن يقول لله عليّ كذا أو لله على أن أتصدق بكذا وهذا نذر قربة يتقرب به العبد المسلم لله فلذا أوجب العلماء وفاءه .
نذر اللجاج أو المعصية : وهو ما يكون الناذر فيه قد خالف أمر الله ورسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم كأن يقول لله عليّ أن أشرب خمرا في مكان كذا أو يقول عليّ أن أسرق كذا أو أضرب فلانا من النـاس دون سبب إذا حدث كذا و ما شابه ذلك من الأمور التي حرمها الإسلام وقد اتفق أهل العلم على أن هذا النذر لا يجوز وإنما على صاحبها كفارة يمين .
نذر المجازاة أو المعاوضة : وهو أن يقول الناذر إن شفي لي فلان فعليّ كذا أو إن قدم فلان فعليّ أن أتصدق بكذا وكذا وغيرها من الصيغ المشروطة التي تعلق فعل النذر بحدوث أمر آخر وقد بين أهل العلم كراهية هذا النذر مع الوفاء به [1].
×× تنبيه ×× دليل التكفير عن نذر اللجاج والمعصية قوله صلى الله عليه وسلم : (لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين)[2] . ورد النهي عن نذر المجـازاة وهو للكراهية لا للتحريم ومعنى النهي : تأكيد لأمره وتحذير من التهاون به بعد أيجابه . وكذلك ظهور المعاوضة فيه لأنه لو لم يشف مريضه مثلا لم يتصدق بما علقه على شفائه وهذه حالة البخيل فانه لا يخرج من ماله شيئا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبا وهذا المعنى المشار إليه في الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : (لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم اقدره عليه ولكنه شيء أستخرج به من البخيل يؤتيني عليه ما لا يؤتيني من قبل)[3] .
بيان أن نذر التبرر طاعة محضة قال الشيخ الألباني في حديث : (ولكنه شيء استخرج به من البخيل) : (دل الحديث بمجموع ألفاظه أن النذر لا يشرع عقده بل هو مكروه وظاهر النهي في بعض طرقه أنه حرام وقد قال به قوم ، إلا أن قوله تعالى : (استخرج به من البخيل) يشعر أن الكراهة والحرمة خاصة بنذر المجازاة أو المعاوضة دون نذر التبرر فهو قربة محضة وهو فوق ثواب التطوع وهذا النذر هو المراد والله اعلم بقوله تعالى : (يوفون بالنذر)دون الأول ، قال الحافظ في الفتح (11/500): وقد اخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى : (يوفون بالنذر) قال كانوا ينذرون طاعة لله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة ومما افترض عليهم فسماهم الله أبرارا وهذا صريح في أن الثناء وقع من غير نذر المجازاة [4].
الأدلة على أن النذر عبادة: قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} (7) سورة الإنسان ووجه الدلالة أن الله تعالى مدح الموفين بالنذر والله تعالى لا يمدح إلا على فعل واجب أو مستحب أو ترك محرم, لا يمدح على الفعل المباح المجرد وذلك هو العبادة فمن فعل ذلك لغير الله متقرباً إليه فقد أشرك . قوله تعالى : {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ }(270) سورة البقرة . ووجه دلالـة الآية للترجمة أن الله تعالى أخبر أن ما أنفقناه من نفقة أو نذرناه من نذر متقربين بذلك إليه انه يعلمه ويجازينا عليه فدل ذلك على أنه عبادة وبالضرورة يدري كل مسلم أن من صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله فقد أشرك .
من أنواع النذر لغير الله (وان مما يدخل في هذا الباب تقريب القربات لغير الله كتقديم الأكل والشرب لبعض الأشجار والقبور أو اللحم للجن أو تقديم مولود من الحيوانات لغير الله أو لحماية البيت ولدفع البلاء عنه وعن السيارة وتلطيخها بالدم وكذا الذبح على سقف البيت وعتبة الباب ورمي السن للشمس لتمنح صاحبه سناً كسن الغزال أو وضع العروس يوم الزواج للعجين على الباب والله تبارك وتعالى يقول: {وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُواْ هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ} (136) سورة الأنعام). إن ما اشتهر به كثير من الناس بالذبح على مقدمة السيارة الجديدة وتلطيخها بالدم وكذلك عند شراء بيت أو سكناه والذبح على السقف أو على عتبة الباب إنما هو من أعمال الجاهلية و كانوا يقصدون بها الذبح للجن خوفا من أن يصيبهم ولا شك أن هذه الأفعال هي مما أهل به لغير الله فهي شرك والذبيحة نجسة لا يحل أكلها وان زعم بعض الناس أن الذبح ليس للجن الآن فنقول له : الأصل في هذا ما ذكرناه وتوارث أهل الجهل لهذا الأمر ودليل صحته أنهم يلطخون الحاجة بالدم فلأي شيء هذا التلطيخ ؟ ولقد قال كثير من أهل العلم بأبطال هذه الأعمال ونحوها ، ونكتفي ببعض الأقوال : قال الزمخشري : (كانوا إذا اشتروا دارا أو بنوها أو استخرجوا عينا ذبحوا ذبيحة خوفا أن تصيبهم الجن فأضعنت إليهم الذبائح لذلك [5].
حكم ما يوزع عند القبور تقربا من طعام أو شراب : قال ابن باز : (أقول هذا المقام فيه تفصيل : فان كان المراد من ذلك من أن هذا شرك لكونه عبادة لغير الله وتقربا أليه فهذا صحيح لأنه لا يجوز لأحد أن يعبد غير الله بشيء من العبادات لا نبياً ولا غيره ولا ريب أن تقديم الطعـام والشراب والنقود وغير ذلك للأموات من الأنبياء والأولياء أو غيرهم أو للأصنام ونحوها رغبة ورهبة راضٍ في عبادة غير الله لان العبادة ما أمر الله به ورسوله ، أما إن كان مراد الشيخ حامد " الفقي " أن النقود والطعام والشراب والحيوانات الحية التي قدمها ملاّكها للأنبياء والأولياء وغيرهم يحرم أخذها والانتفـاع بها فذلك غير صحيح لأنها أموال ينتفع بها قد رغب عنها أهلها وليست في حكم الميتة فيجب أن تكون مباحة لمن أخذها كسائر الأموال التي تركها أهلها لمن أرادها كالذي يترك الزرع وجذاذ النخل من السنابل والتمر للفقراء ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اخذ الأموال التي في خزائن اللات وقضى منهـا دَين عروة بن مسعود الثقفي ولم ير تقديمها للات مانعا من أخذها عند القدرة عليها ، لكن يجب على من رأى من يفعل ذلك من الجهلة والمشركين أن ينكـر عليه ويبين له أن ذلك من الشرك حتى لا يُظن أن سكوته على الإنكار أو أخذه لها إن اخذ منه شيئا دليل على جوازهـا و إباحة التقرب بها لغير الله سبحانه ولان الشرك أعظم المنكرات فوجب إنكاره على من فعله لكن إذا كان الطعـام والشراب مصنوعا من لحوم ذبائح المشركين أو شحمها أو مرقها فانـه حرام لان ذبيحتهم في حكم الميتة فتحرم وينجس ما خالطه من الطعام غير أن الخبز ونحوه ما لم يخالطه شيء من ذبائح المشركين فانه حِل لمن أخذه وهكذا النقود ونحوها كما تقدم والله اعلم)أ.هـ.[6].